لم أكن قد تجاوزت التاسعة حين بدأت أسلك تلك الطريق الطويلة وحدي -
الممتدة من بيتنا الكائن في حارة الكنيسة إلى قاعة الدير في الحارة
الغربية والتي تبلغ مسافتها كيلو مترا
تقريبا هي تلك الطريق أيضا التي
كنت أسلكها إلى مدرستي يوميا ومنذ طفولتي ..
مشيا على الأقدام إلى قاعة الدير حين لم تمنعني حرارة الشمس أو مطر
وبرد الشتاء لأصل هناك فأتسلق جذع شجرة أو أرتب حجرا على حجر لأصل إلى
نافذة صغيرة في مؤخرة القاعة حين كان المنظمون يطردون كل الأطفال إلى
بيوتهم أسترق النظر لذاك السحر العجيب ويشدني لأبقى حتى حلول الظلام
فأعود وحدي في عتمة الليل إلى بيتنا البعيد ...
هكذا كنت أفعل وعلى مدى أعوام طفولتي كلما عرفت أن فرقة القدس في
القرية هي فرقة الحكواتي إلى حين تسنى لي أن أرى روائع هذه الفرقة عن
قرب وصرت ممن يجلسون داخل القاعة ...
حملت حلمي وطموحي في زخم ذاك الإنشداد البريء والعشق الفطري في تحد
وإرادة لا تسبقهما الظروف أبدا إلى أن وصلت إلى القدس،
إلى
فرقة الحكواتي
... |