لقد أبدعت فالنتنا أبو عقصة في إخراج  "شبابيك الغزالة" هذه الشبابيك التي فتحت مواطن المواجع وداعبت مواطن الفرح .

 لقد أحسنت الفنانة فالنتينا أبو عقصة وهي تختار قصة الأديبة د. سهير أبوعقصة داود، وتختار غزلانها من الأطفال

هؤلاء الذين جسدوا فكرة " طفل فنان " التي تتابعها الفنانة فالنتينا بصبر وإيمان واقتدار لتقول لنا: أن طفلنا يستحق الحياة ، وهو قادر على الإبداع.

http://www.arabs48.com/display.x?cid=5&sid=74&id=30081

 

شبابيك الغزالة، أو :شبابيك الهوية التي لا يمكن طمسها

ابراهيم جوهر – القدس

                   

يبرز السؤال المحير " من انا " لدى الأطفال _ الفتيان في مرحلة تفتح الوعي والبحث عن الهوية القومية – الوطنية والشخصية . من انا ؟ من اين اتيت ؟ ولماذا اتيت ؟ والى اين انا سائر ؟ ما هو مستقبلي ؟ وما المطلوب مني ؟ وما دوري في هذه الدوامة الواسعة – المتناقضة والمتصارعة ؟

 

أسئلة مصيرية يطرحها الفرد منا على نفسه والآخرين ، وهي أسئلة تحدد شخصية الانسان – الفرد . كما تحدد شخصية الكيان – الوطن الذي هو مجموعة من الناس تعيش على أرض ولها ذكريات مشتركة وأحلام مشتركة وبينهما واقع مشترك .

 

وتزداد اهمية تحديد " الانوية " الذاتية والجمعية بمعنى الهوية الثقافية في يومنا هذا مع تسارع دوران عجلة العولمة التي تطحن بدواليبها كل خصوصية يعتز بها الفرد لصالح نكهتها الخاصة ورسالتها الخاصة الهادفة الى طمس الخصوصيات القومية والوطنية لصالح ثقافة العولمة التي باتت تتخذ شعار الماكدونلدز والكوكا كولا شعاراً لها ، ولا يهمها في سبيل ذلك مهما قتلت من البشر والشجر واحتلت الاراضي وصادرت حق الفراشات في الطيران والعصافير في الزقزة والغزلان في تجريب سرعتها وحبها وخفتها وجمالها .

 

الغزالة هنا هي غزالتنا نحن ، هي كنز ذخيرتنا ، هي أم الروبابكيا ، وهي التي جاءت وقت الخير ، وقت البيادر ، لذلك أراد والدها أن يسميها قمحة .

 

قمحة : بذرة العطاء ومعنى القداسة وطزاجة النكهة المخملية ، أو غزالة : الخفة والجمال والسرعة والبراءة وعبير المسك والحقول الخضراء ، أو قل : ربيع الذاكرة وحيوية الحياة ولذتها . هذه المعاني والايحاءات جميعها نقلتها بذكاء وفنية عالية ممتعة الفنانة "فالنتينا أبو عقصة " في تجربتها المسرحية المثيرة والجميلة التي حملت عنوان " شبابيك الغزالة " .

 

ولا تنبع الاثارة الفنية والتشويق من العنوان ذي الوقع الشعري الموحي ، بل من طريقة الاخراج المبهرة رغم بساطتها ، ومن الممثلين الذين يتحركون كغزلان طليقة في ساحة ملعبهم الذي ألفوه ووطنهم الذي أحبوه . انهم اطفال فنانون حقيقيون ، تراهم وهم يعرضون خريطة الذكريات حتى تكاد لمسها لمس اليد .

 

لقد أبدعت فالنتينا ابو عقصة في اخراج " شبابيك الغزالة " هذه الشبابيك التي فتحت مواطن المواجع وداعبت مواطن الفرح : أما المواجع فعلى ما هّجّر وضاع ولو الى حين ، وأما الفرح فللطفولة القادرة على اثبات هويتها وهي تمد لسانها ساخراً من شعارات الماكدونلدز وشبيهاتها ولسان حالها يقول : هذه الجولة لنا ، وغداً ستكون لنا ايضاً . وكأني بشجرة الميلاد تتطاول وتهتز وهي تقهقه فرحاً .

 

لقد احسنت الفنانة فالنتينا أبو عقصة وهي تختار قصة الأديبة د . سهير أبو عقصة داود ، وتختار غزلانها من الاطفال الفنانين : ناشد عبد النور ، صادر صادر ، سامر مراد ، حنا حجار ، ديمة خمرة ، جنان سبيت ، أسماء أبو سالم ، ديمة روحانا.

 

هؤلاء الذين جسدوا فكرة " طفل فنان " التي تتابعها الفنانة فالنتينا بصبر وايمان واقتدار لتقول لنا : ان طفلنا يستحق الحياة ، وهو قادر على الابداع .

 

لقد أثبتت " شبابيك الغزالة " أنه لا يمكن طمس شبابيك الهوية ، فاستحقت الثناء والتشجيع . والى الأمام يا فالنتينا أيتها الغزالة السارحة في ساحة الابداع والفن والثقافة ، ولا تغلقي شبابيك الفرح والذكريات والامل هذه .